الرئيسيةمجتمع وميديا

عندما تتحرك الدولة… يحضر حليب الأطفال

لبنان عربي – طلال الدهيبي

في لبنان تتراكم الأزمات واحدة تلو الأخرى، فلا يكاد المواطن يتنفس من احداها حتى يغرق في الثانية، حتى اننا نجد صعوبة في ترتيبها واحصائها.

ومن الأزمات الضاغطة اليوم مسألة فقدان حليب الأطفال من الأسواق، وهو يخضع  كما الأدوية والفيتامينات لقرار “كارتيل” المحتكرين بالتقنين في تسليم كميات منها الى الصيدليات ونقاط البيع، هذا القرار الذي تم تبريره بحجج وذرائع واهية لم يُقنع احدا، لكنه اصبح واقعاً يجب على اللبنانيين التكيف معه.

مرت عدة أشهر وكميات حليب الاطفال متوفرة لكنها شحيحة، حتى نهاية السنة الماضية. فمع تصاعد الأنباء المتداولة عن وقف دعم السلع من قبل الدولة عبر مصرف لبنان، قرر “الكارتيل” الامتناع عن تسليم حليب الاطفال، الا بكميات قليلة جداً، بمعنى آخر تقنين على التقنين. حتى الكميات التي يتم تسليمها الى الصيدليات، معظمها من العبوات ذات الحجم الصغير، والتي لا تكفي الطفل/ة سوى لأيام معدودة. وتم تخفيض كوتا الصيدليات كماً ووزناً، حيث بات الصيدلي يحصل على عبوة واحدة او اثنتين للعلامات التجارية الكبرى في مقابل طلب هائل عليها بحكم الحاجة وبسبب الرعب المصاحب لانقطاعها.

ظن الصيادلة انها أزمة عابرة لن تطول، وستعود الكميات الى “تقنينها” السابق. لم يحصل ذلك، واستمرت الشركات المحتكرة في سياستها التوزيعية الجديدة، الأمر الذي نتج عنه احتكاكات يومية بين الصيادلة والمواطنين.

نقيب الصيادلة بعيد عن مشاكل الصيادلة وأزماتهم وهمومهم، وزارة الصحة تركز جهودها على مكافحة تفشي وباء كورونا، الدولة عاجزة ومشلولة، الاعلام منهمك في توبيخ المواطنين، لم يجد الصيادلة والمواطنين من يستطيعون اللجوء اليه، ولم يجد “كارتيل” المحتكرين من يقف في وجههم، فاستمروا في “غيّهم”، حتى خلت رفوف الصيدليات تقريباً من حليب الاطفال، خاصة للفئة العمرية التي تتعدى الثلاث سنوات، التي بات العثور على عبوة منها أشبه بمعجزة.

وعلى الرغم من طي مسألة رفع الدعم من قبل الحكومة وترحيل الموضوع الى ما بعد أشهر، استمرت كبرى الشركات في تكديس كميات هائلة من حليب الأطفال، المدعوم منه وغير المدعوم، ترقباً للحظة رفع الدعم، وهي قادمة حتماً مهما طال الزمن.

بالأمس سطر رجال قوى الامن مخالفة بحق واحدة من كبرى شركات كارتيل الاحتكارات، بسبب عثورها على مخزن فيه اكثر من مائتي الف عبوة حليب اطفال!! الشركة كما جميع المحتكرين، اصدرت بياناً حملت فيه مصرف لبنان مسؤولية تأخير وصول شحنات حليب الاطفال، وان الكميات المخزنة معدة لكي تكفي السوق لمدة شهرين، وانها لم تمتنع عن تزويد الصيدليات بحليب الاطفال رغم كل الصعوبات. هذا البيان ناقضته الشركة بنفسها، حيث افاد عدد من الصيادلة “لبنان عربي”، ان الشركة المعنية زودتهم وبشكل مفاجئ بكميات من حليب الاطفال تفوق الكمية الشحيحة التي واظبت عليها منذ بداية كانون الاول الماضي.

هذا التحرك اليتيم لقوى الامن بناء على طلب وزارة الاقتصاد، يأمل اللبنانيون ان لا يبقَى كذلك، وان يتم تسطير مخالفات بحق جميع المحتكرين علهم يجدون حليب الاطفال والادوية خاصة المزمنة منها، مع ان ذلك يبدو اليوم بمثابة نكتة سمجة، لكن تحرك الأمس اثبت ان قليل من هيبة الدولة يصنع الكثير…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى