
لبنان عربي – مروان الخطيب*

هُنا فوقَ وَهجِ الأحمرِ والشَّهادةِ،
وفوقَ تلالِ الزَّيزفون،
هنا مَعَ ذاكرةِ زهرتيِّ اللَّوزِ واللَّيمون،
ومَعَ البُرتُقالِ وقامةِ الأنوار،
تناجى في المَدَى المُقدَّسِ فؤادان،
وتناثرتِ الأحلامُ على هيئةِ الرؤى البنفسجيَّة،
لمْ تكنْ حاضرةً “الكورونا”،
وكانتْ بعيدةً ومُستحيلةً،
اصطفاقاتُ أجنحةِ الغِربان،
وكُنتِ مَلاذَ الخَفْقِ وهالةَ “يارا”،
وكانَ إبريقُ زيتِ الزيتونِ الخليليِّ،
يُناجي في الأملِ الورديِّ،
فَاكِ المُعَطَّرَ بالانتماءِ إلى أهزوجةِ المَرايا وحنانِ وعنفوانِ السَّيدةِ “سالجان”،
ويسرحُ قريباً من سلجوقَ وبوطان،
يُنادي “بالا”:
لا تنكرسي أمامَ القيدِ وسُمِّ الشَّيطان،
ولا تكترثي لهُواماتِ وأضغاثِ “يانيز”،
هو ذا كالبَرقِ والغَيثِ آتٍ عُثمان،
وكَنزُنا المُقدَّسُ في سِتْرٍ وأمان،
وبعدَ غدٍ سيرسمُ الرَّوضَ البيلسان،
ويسقطُ القَذى في متاهةِ الوَحل،
و”صوفيا”، ستندَمِلُ مَعَ الخفافيشِ،
في زَبدِ الخيانةِ،
بعيداً عن فَرَحِ الرؤيا وطُهرِ ماءِ الرُّمان،
وقريباً جِدَّاً من احتراقِ الغِوايةِ في مَكرِها اللَّعين…!.
لمْ أنسَ ميلادَ القَرَنْفُلِ وعِتْقَ آلِ البيت،
ولمْ أنسَ صفدَ وزهرةَ الحُزنِ في روابي البُرقوقِ الذي مَنَحني اسمَهُ وسِرَّهُ المُصَلِّيَ بينَ الأسودِ والأحمر،
وكُنتِ على الدَّوامِ فيَّ فاتحةَ نبضي وهُيامي،
وذاكَ المُتراميَ وَجداً بينَ عكَّا والقُدس…!.
يا سيِّدةَ النَّبيلاتِ الأصيلات،
ويا التي تُشْبِهُها الغَيمات،
وتستقي من سلسبيلِها المُروءات،
وتلوذُ إلى ظِلالِها وقَطْرِها الأورادُ والسَّوسنات…!.
تبقينَ مَدايَ وسَلواي،
تقومينَ فيَّ صياماً وصلاة،
وامتداداً في الزَّمانِ الزَّنبقيِّ بوحاً،
يُصارعُ القحطَ والفلوات،
ويُطلُّ غابةً من سِنديان وتين،
ويقرأ آيةَ الكُرسيِّ فوقَ الماءِ والهواء،
ثُمَّ يمضي فارساً يُشبهُ “بامسي”،
حافظاً عهدَ الفُرقانِ وحُلمَ “أرطغرل”،
أبيَّاً حدَّ الشَّهادةِ في طيرانِهِ إلى ميثاقِ الوفاءِ والوفاءِ والوفاء…!.
*****
…، ونادى منادٍ في قلبي ورُوعي:
…، لستَ وَحْدَكَ في زمنِ الطُّوفان،
كُورونا سَتذوي،
وَكُنْهُ الحَرْفِ التَّالدِ سَيُمطِرُ فوقَ واشنطنَ مُزُونَ ارتقاءٍ للإنسان،
سيمحو عبثَ “ميكافيلي”…!.
ثَمَّةَ نَجمٌ في الأُفْقِ،
ونجيعُ نُبُوَّةٍ ومَيسان،
ونبضٌ تدلَّى مُداماً عَدْنيَّاً،
تهادى في المَراقي كتاباً وسيفاً من نسجِ لُقمان…،
فانهضْ إلى ميقاتِ الفجرِ مُزَنَّراً بالأرجوان،
ولا تنظرْ إلى “صفقةِ ترامبَ” والوراء،
وَدَعِ الأمامَ قائداً إلى الإمام،
ثُمَّ طِرْ إلى روما،
لا تنسَ أن تقرأ هناك الكتابَ من جديد،
وامْحُ رواسبَ “الكوميديا الإلهيَّة”،
وقُلْ لِـ”دانتي”: هيَّا إلى أدبٍ تسمو به الأرضُ إلى معارجِ السَّلامِ، وإلى حِنطةِ يُوسفَ التي سلمتْ من براثنِ “ألخماهو” والمعبَدِ المُزيَّفِ، ومنَ الذَّيفان…!.
…،ولا تنسَ أبداً مقولةَ وحكمةَ السَّماءِ التي جرتْ على لسانِ يوسفَ عليه السلام : من اتَّخذَ من أكتافِ النَّاسِ مَحْمَلاً، لا بُدَّ أنه ساقطٌ إلى الدَّركِ المُظْلِمِ ذاتَ يومٍ آتٍ حتماً، كاليقين…!.
شاعر وأديب فلسطيني