كيف تؤثر الظروف الحالية على الأطفال؟ وأي جيل ننتظر في المستقبل؟

لبنان عربي – رندة عبد الكريم
بين الاطفال السوريين اللاجئين، والاطفال اللبنانيين، علاقة تشاركية منذ بدء الحرب في سورية، لناحية عدم القدرة على الاستجابة الفعلية لحاجات ومتطلبات الاطفال السوريين واللبنانيين في ظل ما يشهده لبنان من أزمات وصلت حدودها الى الجوع والفقر المدقع وعدم توفير الحليب والدواء وابسط الحقوق.
وكانت اشكالية البقاء والاستمرار في بلد لا يستطيع رعاية شعبه واطفاله، تشكل هاجسا للأطفال السوريين، ولا زالت، على الرغم من تدخل المنظمات الدولية والحقوقية والتنموية، لتعيد الامل في الحياة، وتعيد البسمة على وجوه الاطفال السوريين الذين تعرضوا الى اقسى انواع الضغط النفسي بسبب التهجير القسري .
أما في لبنان، يبقى السؤال: كيف يمكن التعامل مع الطفل الذي دخل سجن الحجر المنزلي في زمن الاغلاق القسري الذي فرضته جائحة كورونا..ومن ثم دخل الى السجن الانفرادي الذي فرضته الازمة الاقتصادية وحرب الدولار الاميركي وحصاره لأبسط حقوق الاطفال في الحياة؟
لن يكون الحديث هنا، عن الدواء والحليب والمكملات الغذائية الضرورية لانها باتت واضحة في كل تفاصيلها وفي اثارها وتداعياتها السوسيولوجية والسيكولوجية، حيث لم نعد بحاجة للحديث عن الحياة الاجتماعية وضرورة التواصل مع الاطفال والاجيال التي اتت الى هذا الوجود، ولا حتى مع الاقارب والجيران، وضرورة الانخراط في البيئة الاجتماعية، من الحي الى الشارع الى البلدة وصولا الى كل المساحات الجغرافية/ البشرية التي تكون شخصية الانسان.
بل نحن بصدد الحديث عن حق الطفل في الخروج من المنزل، واختبار ما يمكن ان ينتشله من كل هذه الفوضى التي لا يعرفها ولا علاقة له بها.. ويعود الى طفولته حيث تكون متنفسه الطبيعي للشعور بالحرية الحقيقية التي يعيشها الاطفال دون تفكير او قيود.
أما الصدمة النفسية الكبرى، فجاءت بالعودة طوعا الى ذاك السجن، الذي لا يعرف الا الاكل والنوم والانتماء الى الأسرة النواة.
فالكارثة التي حلت بلبنان وشعبه، حرمت الأطفال من اختبار الحياة. حرمتهم من دخول مدن الالعاب، والمطاعم والنوادي والمسابح، حتى أنه غير مرحب بهم بالدخول مع الاهل الى الاسواق التجارية والغذائية والمولات ومراكز البيع والشراء.
وعليه، هل يمكن التوقع بحجم المشكلة النفسية التي سيعاني منها اطفال المستقبل؟ أو أننا سنبقى نفتش عن لقمة العيش فقط من أجل الاستمرار والبقاء على قيد العيش؟أما الحياة فلا حق لأطفالنا بخوض غمارها، ولا حق لهم بأن يكونوا متساوين مع أطفال العالم، أو حتى مع أطفال بلدهم من أبناء المحتكرين حتى للهواء الذي نتنفسه؟
مات اطفال بسبب كورونا، وها هو الدولار الاميركي يتحول الى وسيلة شرسة لقتلهم بيد السياسيين والمواطنين المحتكرين وكل من فقد الاخلاق والانسانية بسبب الانانية والجشع. ها هم يقتلون كل يوم على أبواب المستشفيات والصيدليات، وأمام كل العالم، ومؤسساته الحقوقية، وكأننا شعب لا يستحق الحياة، وأطفالنا مجرد أرقام غير معترف بها لا بل المطلوب تخفيضها الى ادنى المستويات.
في النتيجة، نحن امام انتاج مجتمع جديد أكثر قساوة وفوضى، كما انه سيكون أكثر انحرافا واجراما، وسيكون مصدرا حقيقيا لكل افات المجتمع ومشاكله التدميرية.
الاطفال رجال المستقبل.. وبناة المجتمع وخميرة النهضة الحقيقية، فماذا نتوقع من اطفال لم يعرفوا معنى الطفولة؟ وماذا سينتج الذل والحرمان والقهر والكبت؟