شباب لبنان.. الهجرة هي الخلاص!

لبنان عربي – فاطمة الموسوي
يواجه الشباب في لبنان أزمة يأس واستسلام وتردد وهروب، حيث يفتقد معظمهم الأمل بمستقبل واعد في بلدهم بعد أن أنهوا دراساتهم الجامعية وطرقوا مئات الأبواب علّهم يتربعون على عرش وظيفة شاغرة تحقق لهم طموح البدء بالخطوة الأولى، إرضاء لأهلهم الذين تكلفوا عناء تعليمهم في أفضل المدراس والجامعات، ودفعوا لأجل ذلك أموالاً قد لا يستطيع تعويضها راتب أي موظف لعشرات السنوات.
من هذا المنطلق، وقع الشباب اللبناني ضحية الأزمة الاقتصادية اللبنانية، والغلاء المعيشي، والانهيار التام لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي. وبالوقت نفسه لم يعد بإمكان الشركات الخاصة اللبنانية، التي باتت تعاني المشكلة نفسها، أن توظف الشباب في برامجها ومشاريعها، إلا برواتب زهيدة لا تلبي احتياجات الموظف البديهية.
أما الإشكالية الأساسية التي نطرحها هنا، هو اختيار الشباب البقاء في غرفهم المغلقة على أحلامهم، وامتناعهم عن المواجهة عبر الخروج الى معترك الحياة، حيث يعتبر معظمهم أن لا أمل بالخروج إلا الى طريق المطار، ومن ثم الصعود الى الطائرة التي تمثل بالنسبة لهم الخطوة الأولى نحو الحياة. فلبنان اليوم لا يبشر إلا بالكوارث والأزمات، ولا يُسمع فيه إلا الموت والقتل والسرقات والفساد، والعصابات التي تتسكّع في كل مكان.
لذا بات الحديث عن الهجرة، والعمل في الخارج وبناء المستقبل من أساسيات الخطاب عند الشباب، ولا شك أننا نطرح مفاهيم علمية جديدة في إطار معالجتنا لهذه الإشكالية التي تخطت بدورها كل المشاكل التي تعرض لها الشباب في الماضي، حتى في قلب الحرب اللبنانية، والتحركات الشعبية والانهيارات المتراكمة منذ إتّفاق الطائف حتى اليوم.
هذه المفاهيم التي تكاد تلغي المواطنية والإنتماء والولاء التام للوطن، حيث لم يعد بإمكان الشباب التنازل عن حقهم في العيش بكرامة، وحقهم في العمل والزواج وبناء بيت، وهم يعيشون في دائرة مفرغة من الحقوق الإنسانية التي تشرعها المواثيق الدولية.
لم يعد بإمكانهم الاستمرار في ال”لا دولة” حيث تحول الصراع على السلطة الى ما يشبه الصراع بين الحيوانات المفترسة في الغابات، وفقد الإنسان في لبنان إنسانيته، كما فقد حقه في الحياة، حيث ضاعت أمواله واعتلّت صحته، وبات الرحيل الطريق الوحيد للخلاص.
هذا هو الواقع الحقيقي لما يعانيه الشباب اللبناني بشكل عام، والشباب المتعلم المثقف أصحاب الشهادات بشكل خاص. وقد لا يحق لنا طرح الحلول والدعوة الى الخروج من سجن التفكير والخوف والإستسلام في بلد طائفي تابع تتلاعب فيه معظم دول العالم، إلّا أننا ومن خلفياتنا الثقافية والعلمية والدينية والأخلاقية نطلب الإيمان بالله عز وجل وبقدرته على تغيير كل شيء نحو الأفضل، يجب علينا الرجوع الى نعمة العقل والتفكير من أجل أن نواجه ونستمر..